يواجه الفلسطينيون في غزة، أحلك الظروف الإنسانية من انعدام الأغذية ونقص التموين وانقطاع الكهرباء وعدم توفر الماء وندرة الوقود منذ أكثر من شهرين على شن جيش الاحتلال الاسرائيلي عدوانه على القطاع، في حرب لم يسبق أن عايش مثلها سكان القطاع، وفق ما رواه مقيمون بغزة فور عودتهم في رحلة إجلاء إلى تونس يوم الأحد 10 دجنبر.
وروى عدد من هؤلاء العائدين في رحلة نظمتها تونس لاجلاء رعاياها المقيمين بغزة مرفوقين بعائلاتهم، ومنهم أزواج وزوجات فلسطينيين وفلسطينيات، في تصريحات قدموها لوكالة تونس إفريقيا للأنباء، أن المأساة الإنسانية التي عايشوها لا يمكن مقارنتها بحروب سابقة كان قد شن ها جيش الاحتلال الاسرائيلي سنوات 2008 و2012 و2014.
“حالة الدمار الكارثي لم يسبق أن شاهدت غزة مثلهاخلال الحروب السابقة، ينعدم الأكل والماء في غزة وينتشر في كل مكان ركام البنايات المهدمة نتيجة القصف”، بهذه الكلمات علق الشاب الفلسطيني رضوان الغرايري وهو المقيم بحي النصر المتواجد بالمنطقة الغربية لمدينة غزة، وهي المنطقة ذاتها التي كانت أولى المناطق التي شهدت اللحظات الأولى لعمليات التوغل البري التي نفذها جيش الاحتلال الإسرائيلي.
وفاقم توسّع دائرة العدوان الذي يشنه جيش الاحتلال على القطاع، تدهور الأوضاع والمأساة الإنسانية، التي يعانيها القطاع بطبعه جراء الحصار المفروض عليه منذ قبل اندلاع العدوان الأخير حسب ما عايشه هذا الشاب المنحدر من والد فلسطيني وأم تونسية، فيما قد مت الدكتورة الفلسطينية في علم الاجتماع سميرة النحال، صورة أكثر قتامة عن الوضع الصحي لسكان غز ة.
وتشكل البيئة الحالية لقطاع غزة حسب المتحدثة، حاضنة ملائمة لانتشار الفيروسات والأوبئة إذ أن النازحين يهرعون إلى التجمع والسكن بالمدارس حيث ينعدم الصرف الصحي، وهو ما جعل الأمراض تنتشر بسرعة، في حين يعجز المصابون بمرض السرطان عن الحصول على جرعات العلاج الكيميائي.
وتابعت سميرة النحال الوافدة من مدينة رفح الحدودية مع مصر (تابعة لقطاع غزة)، قائلة “يهدد شبح الموت البطئ من يعانون من الفشل الكلوي لأنه لا يمكنهم غسل الكلى مرتين أو ثلاث في الأسبوع بعد تدمير كل المستشفيات والمرافق الصحية”.
ورغم حالة القلق السائدة بين العائدين لتوهم من غزة في رحلة الاجلاء التي نظمتها تونس، إلا أن الإجماع يسود بينهم على العودة إلى القطاع متى سنحت الظروف، “عائدون كلنا”، يلخص الشاب الفلسطيني رضوان الغرايري حالة ارتباطه بمدينة غزة التي لم يفارقها إلا من أجل الدراسة الجامعية بتونس لثلاث سنوات وعاد إليها أكثر شوقا مما كان عليه.
وختم بالقول “يوجد في غزة مشهدين، أحدهما يبرز المأساة الانسانية للسكان المدنيين فيما يرسم المشهد الثاني صورة خالدة عن الصمود والمقاومة في وجه الاحتلال”.
للإشارة، فإن عدوان جيش الاحتلال الاسرائيلي على القطاع بلغ يومه الـ 65، وقد أفادت وزارة الصحة في غزة بأن عدد الشهداء نتيجة العدوان الإسرائيلي ارتفع إلى حدود السبت 9 دجنبر إلى 17 ألفا و700 شهيدا بالإضافة لـ 48780 إصابة، وذلك منذ السابع من أكتوبر 2023.